أنا والأيام
خاطرة صغيرة... كيف تجري الأيام.. وكيف يبتعد الأصحاب..
.....
كل يوم يمضي تلو أمسه...يسير في قافلة الأيام مسرعاً دون هوادة..
قطار ينفث وراءه سحباً من ذكريات موشحه بالحنين واليأس ...يبدو المستقبل من نوافذه بعيداً كسراب نأمل فيه انتعاشأ لبقايا من أنفاس أضنتها دائرة الأيام وأنهكها الخطو الوتيد... ثم نفاجأ به حين لا نعيه إلا وقد أصبح خلفنا تماما... بينما كنا نرقب الوصول إليه.....
* * *
وحين أذكرك من بين الأيام ...وأعود معك للوراء ...إلى أيام قديمة من تراث الماضي والطفولة وإلى نفس المكان والزمان حيث كنا نجتمع انا وأنت....تشعر نفسي بالشوق والحنين... ترفرف دموع منقطعة على أهداب عيني ويتسلل في نهاية المطاف إلى أوصالي يأس من أيام انقلبت ...ذهبت ولن تعود.........
كانت هموم قلبي الكبيرة تضيع بين أصابع يدك الصغيرة حين تربتين على كتفي بما أعطاك الله من حنان الأخوة وصدق الرفيق وكانت دموعي تموت قبل أن تولد... وتنقلب أتراحي أفراحاً تكشر عن أنيابها كلما تبتعدين
* * *
أعود وذكراك إلى نفس المكان ...حيث حقل شاحب وأوراق صفراء تتناثر في أرضه....وإلى نفس الزمان حيث أيام خريفية وسويعات أصيل صامت... فأسمع صدى ضحكاتنا القديمة حين كنا نتخفى ما بين الأشجار لأضيعك وتبحثين عني..ويتسلل نفس التعب القديم إلى جسدي فأرى طيفك يدعوني للجلوس قربه على العشب اليابس.. لنرقب لحظة الغروب وما فيها من شجن... ثم نصغي لأذان المغرب وما فيه من رهبة وجلالة..
حتى إذا ما عادت الطبيعة لصمتها من جديد أراك تحدقين في عينيي بسر كنت وما زلت أفهم كنهه .. وكنت أنا أهرب إلى ذرات التراب أرسم فيها حيرتي وخجلي... أو أقلب حبات الحصى... أفتش بينها عن جواب لما سوف تسألين....
- أعرف أن لديك ما تريدين قوله ...جودي بما في قلبك...
أهرب من طلبها حرجاً إلى الجبل في البعيد ..إلى طيور السنونو تلوح في الأفق.. وإلى السماء وقد ظهرت أول النجوم..
- أترين ذاك النجم البعيد....
- لا تهربي مني ..ولا تنسي من أنا لك
...وأعاود اللف والدوران...
- يقولون أن ذلك النجم البعيد هو كوكب الزهرة...
وبعد قليل وبرهة من الزمن لا أجد إلا قلبي ككتاب مفتوح بين يديك...قرأت كل ما فيه من أسرار وعرفت جميع ما فيه من أكدار..كسحر عجيب فعل ذلك... لربما هو صدق الشعور ...ولربما هو دفء الأخوة الحقيقية...
* * *
تساءلني نفسي كيف يموت شيء كان موجودا . وكيف ينتهي شيء كان حقاً قد بدأ
فأنا أعتقد بتحول الأشياء ولا أؤمن بموتها ..لكن حتى العقائد تتغير...
فحين أحسب الزمن وأعد الأيام أعرف أن شي ما قد شرخ حياتي وأنسى أن الحياة لا تتغير... ولكنها دائرة تدور....
تعجب نفسي من قسوة الحياة وجرأتها ...ففي كل منعطف يترصد أحد نوائبها..وعند كل زاوية يختبأ لنا حقد ومصيبة...لعل عقولنا تترجم أفعالها على هذا النحو بظلم وافتراء..غير أن الأيام تثبت دون ذلك...
أيام ركبت أعوام... وأعوام مرتنا من دون سلام ...صمتّ حين شعرت بقسوة الفراق ...ولكن يئست حين خاب اللقاء..فأدركت أن الأمل لا يموت..ولكن دون أن ندري يتحول الى يأس مؤلم...
قد يرسم الأمل سعادة موشحة على هوامش قلبي الوحيد....ولكنه أبدا لا يمكن أن يمحي آثار الحزن المستأصل...فالماضي لا يأبه بحنيني...والحاضر لا يتوقف عند اللحظة أهوى ..كما المستقبل لا يقدر كيف أحلم به وأتمناه.....
* * *
منذ أيام قريبة زارتني.. أو.. ربما طيفها ... لم يعد لدي فرق بينهما...حتى إنها لم تكن لتنظر إلي... بل إلى أشياء كثيرة سواي
حين كانت حقيقة كنت أراها فتتلاشى همومي.. فقد كانت نعم الصديق..أما اليوم أراها فتتحرك داخلي آلاما لم أعهدها من قبل
التقيت بها ...وحدثتني نفسي...لعلها فرصة من الله أراد بها أن يجلي عني بعض همي ...أولعلها هبة من القدر كي يشرح بها ضيق نفسي
رأيتها كما الماضي لكنها لم تكن تنظر الي كما أعهد...بل لكل شيء سواي..
طلبت منها أن تقترب ...فدنت خطوات بطيئة...
-اه لو تعلمين....كم أنا بحاجة لك...
-هل ترين ذاك النجم البعيد ـ..
-لدي الكثير اقوله لك فأنت تعرفين من أنت لي..
-يقولون أن ذلك النجم البعيد هو كوكب الزهرة....
عدت لصمتي وقوقعتي....وأدركت أن الحياة لا يمكن أن تتغير بل هي حتماً تموت.......
منقوووووووووووول