إلا تفعلـــوه تكن فتنـــــــــة ..!؟
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بقلم / أبــو حمـزة الشــــامى
موقع الموحدين ـ ساحات الحـــــوار
منتدى النخبة ـ تكفير عين الطاغوت .....
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
إن الصدع بالحق وإظهار الدين والأمر بالمعروف والني عن المنكر له دور عظيم وأساسي في المجتمع، ولذلك فقد أمر الله عز وجل بذلك، وأوجبه على المسلمين، فقال تعالى: " فاصدع بما تؤمر وأعرض عن المشركين "، وقال تعالى: " ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون ". ثم بنى الله عز وجل ورتب على تطبيق أوامره تلك الولاء لمن استجاب للحق والبراءة ممن أعرض ونأى بجانبه، وبهذا يتمايز المجتمع، وينقسم إلى فريقين يختصمون، فريق مؤمن وفريق كافر، وهذا التفريق وهذا التمايز أمر يحبه الشارع جل وعلا ويأمر به، فقد قال تعالى: " ما كان الله ليذر المؤمنين على ما أنتم عليه حتى يميز الخبيث من الطيب "، وقال: " ليميز الله الخبيث من الطيب ويجعل الخبيث بعضه على بعض فيركمه جميعا فيجعله في جهنم أولئك هم الخاسرون ". وهذا التمايز في أرض الواقع لا يتم إلا بعد الالتزام بأوامر الله تعالى التي ذكرناها من صدع بالحق وإظهار للدين، وأمر بالمعروف ونهي عن المنكر، ثم اتخاذ الموقف المناسب تجاه ردة الفعل الصادرة من قبل أفراد المجتمع على هذه الدعوة، فتتولى من تولاها، وتتبرأ ممن تبرأ منها وعاداها. بهذا فقط يمكن أن يكون التمايز في المجتمع، أما إذا لم تُعط هذه الفرائض حقها، ولم يُصدع بالحق جليا ونقيا، ولم يفضح الباطل بكل جلاء ووضوح، ولم يؤمر بالمعروف وينهى عن المنكر، ولم تعطى الدعوة إلى الله حقها، ولم يُرتب على ذلك ولاء وبراء، فلن يتم هذا التمايز، وسيختلط المسلم بالكافر حتى يصعب التمييز بينهما، وتجد ذلك في قوله تعالى: " والذين كفروا بعضهم أولياء بعض إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير "، قال ابن كثير: " أي إن لم تجانبوا المشركين وتوالوا المؤمنين وإلا وقعت فتنة في الناس وهو التباس الأمر واختلاط المؤمنين بالكافرين ". هذا هو الترتيب الصحيح، دعوة واضحة نقية جلية، صبر على الأذى وتحمل المشاق حتى تظهر وتتضح الحقائق بجلاء ووضوح، ثم انقسام المجتمع إلى فريقين: فريق مؤمن وفريق كافر، كما في قوله تعالى: " كان الناس أمة واحدة فبعث الله النبيين مبشرين ومنذرين وأنزل معهم الكتاب بالحق ليحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه وما اختلف فيه إلا الذين أوتوه من بعد ما جاءتهم البينات بغيا بينهم فهدى الله الذين آمنوا لما اختلفوا فيه من الحق بإذنه والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم " إن هذا الاختلاط الكبير - الذي لم يعد فيه من السهل تمييز المؤمن من الكافر - هو عقوبة من الله عز وجل لنا أيها المسلمون، لأننا فرطنا بأوامر الله عز وجل تلك، وما أعطينا الدعوة حقها، وكتمنا الحقائق بل زيـفها بعضنا، وخبأنا رؤوسنا بالرمال، وادعينا أن ذلك من الحكمة، وميعـنا عبارتنا في خطابنا للطواغيت مدعين أن ذلك من الموعظة الحسنة، وسكتنا على ظلمهم واكتفينا بالحديث في المجالس المغلقة، فكيف لا تختلط الحقائق، وكيف لا يلتبس الحق بالباطل؟؟!!. وتأولنا ذلك بشتى التأويلات، حتى حلت بنا العقوبة القدرية المتوعدة، فاختلط المسلم بالكافر حتى أصبح من الصعب التفريق بينهما، وأصبحنا في فتن كقطع الليل المظلم، يصبح فيها الحليم حيرانا، فكيف يفعل الحيارى، ومن ليس عندهم حلم، وحليمهم حيران؟!!، وكان قوله تعالى: " تكن فتنة في الأرض وفساد كبير ". ثم بعد ذلك انشغلنا في أنفسنا، وأصبح يمتحن بعضنا بعضا في مدى قدرته على التمييز بين المؤمن والكافر في ظل هذا الاختلاط واللبس، ونختلف على تكفير فلان وعلان، ونبني على هذه الاختلافات ولاء وبراء فيما بيننا، وننقلب على بعضنا البعض، ونهمل واجبنا الأساسي، ونأتي البيوت من ظهورها. فبدل أن نبدأ بالدعوة إلى دين الله وتوحيده بالتبيين وبالصدع بالحق وإظهار الدين حتى يظهر الحق من الباطل وتتميز الصفوف وتتضح الأمور ثم نطلق الأحكام على بينة وبصيرة من أمرنا، فيهلك من هلك عن بينة ويحيى من حي عن بينة. بدلا من أن نفعل ذلك نبدأ الأمر بالمقلوب، فنبدأ بإطلاق أحكام خطيرة ينبني عليها استحلال الدماء والأموال بل والفروج، ثم ينقلب بعد ذلك بعضنا على بعض في سيل من الاتهامات والتقسيمات، ففلان متميع، وفلان من الغلاة، وفلان تكفيري، وفلان خارجي، وفلان مرجئ، وفلان… وفلان… الخ، بينما واجباتنا الدعوية مهملة، والحق ملتبس بالباطل . . . .
_________________________________________